انقسامات بالجملة في صفوف المعارضة السورية هي ليست الزيارة الأولى وربما لن تكون الأخيرة التي سيقوم بها المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي إلى سوريا في ظل هذه الانقسامات ..
جولاتٌ مكوكيةٌ قام بها الإبراهيمي في عدد من عواصم العالم ,كان آخرها في بيروت قبل أن يتوجه إلى دمشق وينهي زيارته إليها, بعد لقائه الرئيس الأسد ثم يعود إلى بيروت في إطار استكمال جولته في المنطقة..
لعل التطور الأبرز في الزيارة التي قام بها إلى دمشق , هو تغير النبرة السياسية من جهته تجاه أكثر النقاط جدلاً والتي كان يعتبرها في الماضي حجر عثرة يقف أمام انعقاد مؤتمر جنيف2, فلم يتطرق نهائيا إلى مسألة أن الرئيس لن يكون جزءاً من العملية السياسية المقبلة , بل أكثر من ذلك فقد خرج إلى وسائل الإعلام ليقول أن ما كانت إحدى الصحف قد نقلت عن لسانه هذا التصريح كان غير دقيق , وهو ما يمثل تراجعا صاروخيا إلى الوراء بعد أن تغيرت الكثير من الوقائع :
أولاً– أثبت الجيش السوري أنه جيش قوي وما زال قادراً على التحكم بمجريات المعركة التي يخوضها بمواجهة أكثر من 80 جنسية تقاتل على أرضه من جميع أصقاع العالم, وأكثر من 1600 فصيل مسلح , والانجازات التي حققها في الآونة الأخيرة من استعادته السيطرة على مناطق في دمشق كالذيابية والحسينية والبويضة منتقلاً إلى حتيتة التركمان في عمق الغوطة الشرقية وأكثر من 40 قرية في حلب كانت آخرها بلدة السفيرة بريف حلب الجنوبي و التي تمثل أهم معاقل ما يسمى (الجيش الحر) , كل هذه الانجازات جعلت موقف الكثير من الدول متأنياً وكثيرا جدا بتحديد اللهجة السياسية للإبراهيمي الذي صار لازما أن يرتبط بتطورات الميدان..
ثانياً– ما تم التوصل إليه من اتفاق روسي أمريكي حول السلاح الكيميائي السوري والموقف الجدي والفوري والايجابي الذي اتخذته الحكومة السورية بتعاطيها مع منظمة حظر السلاح الكيميائي وهو ما شكل بطريقة أو بأخرى نصراً سياسياً.
ثالثاً– انعطافة بعض الدول التي تخندقت بمحور الحرب على سورية نحو الحل السياسي وتفضيله على الخيار العسكري والمقصود هنا ( تركيا وقطر) بشكل رئيسي, وبدا ذلك جلياً في تصريحات مسؤوليها , ناهيك عن الموقف الأمريكي السعودي الذي تأزم في الفترة الأخيرة نتيجة ما وصفته السعودية خيبة أمل من الموقف الأمريكي الذي تراجع نهائيا عن الحل العسكري , وهو ما دفعها بالتالي إلى تصعيد موقفها أكثر كردّة فعل من ناحيتها تمثل بزيادة دعم المسلحين عسكريا ورفضها عضوية مجلس الأمن ولاحقا رفضها استقبال الإبراهيمي كموقف سياسي.
رابعا– الانقسامات الكبيرة في صفوف المعارضة السورية حتى داخل ما يسمى (ائتلاف المعارضة السورية) وما هو ما كنت قد بدأت به المقال وهذا ما سيقودنا إلى الثغرة الأكبر التي ما تزال تشكل العقبة الرئيسية في تحديد موعد انعقاد مؤتمر جنيف , فحتى هذه اللحظة لا توجد رؤية سياسية موحدة داخل صفوف المعارضة على اختلاف مسمياتها , ناهيك عن اختلافهم من حيث الشكل أيضاً من ناحية ذهابهم أو عدم ذهابهم بوفد موحد إلى جنيف , التصريح الوحيد الذي صدر عن الإبراهيمي قبيل مغادرته دمشق أن جنيف سيعقد بمشاركة الحكومة السورية والمعارضة والأمم المتحدة, وأين الجديد في هذا الكلام ؟؟؟ وعن أي معارضة يتحدث؟؟؟ هل يقصد المعارضة الداخلية التي فشل في توحيدها تحت مظلة واحدة؟؟؟ أم أنه يقصد المعارضة الخارجية التي لا تعترف أصلا بشرعية الحكومة السورية للتفاوض معها؟؟؟ سؤال يجب أن نتوجه به إلى الإبراهيمي , والى أن نحصل على جواب فالأكيد أن معاناة الشعب السوري بفعل أشباه أشخاص ومجموعات ليس عندها حيزٌ ولو صغير جدا في إنسانيتها لأي دينٍ أو شرعٍ أو أخلاق, وآخر ما تناقلته وسائل الإعلام هو احتمال مجيء المجرم والمطلوب الدولي الأول والصنيعة الصهيوأمريكية أيمن الظواهري إلى سورية ليشرف بنفسه على ما أسماه ( الجهاد في سورية).
هل تسمعين يا ( معارضة ) مثل هذه الأخبار؟ أم أن كل ما يهمُّك هو ما توارد إلى مسامعي ذات مرة من أحد المعارضين , عندما كان يتحدث إلى زميل له ويقول ( منروح على جنيف شو منخسر لعل منحصل على قسمة من الكعكة).
عن أي كعكة تتحدثون ؟ عن الكعكة التي ستكون ممزوجة بدماء عشرات آلاف الشهداء من السوريين ؟ عن كعكة وطن أرهقته حرب لم يعرف لها التاريخ مثيلاً ؟؟ أما الأولى لكِ أن تمتلكي الحد الأدنى من الضمير وتستفيقي على الواقع الذي نعيش فصوله يوميا قتلا ودمارا واستنزافا للقمة المواطن السوري الذي ما تفتئين تتبجّحين بحقوقه المسلوبة؟ سؤال برصد المعارضةو المتابعين …
سيريان تلغراف | عامر أبو فراج
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)