لأن الحروب يمكن لها أن تخاض أيضاً عبر بوابات القلوب وساحات العقول و بصادق الأسلحة اللغوية التي تتوجه بمعانيها ودلالاتها للكل لتنجح في أسوأ الأحوال في تغيير آراء وتموضع بعض هذا الكل ، أو طريقة مقاربته للقضايا المصيرية وفهمها بعد تحليلها ، ولأن ما يخرج من القلوب من سهام يصيب شغاف غير قلوب ، وما يترجمه العقل على الورق من عفو الخاطر وصادق الإحساس يحجز مقاعده في حدائق العقول وصالات الأدمغة ، لهذا وذاك سوف أستعين اليوم في معركة المحاججة والإقناع بالمعلومة التي يصعب الإختلاف حول صحتها والحقائق العلمية التي تدارسها معظمنا جيلا بعد جيل ، من خلال إسقاط تلك الحقائق والنظريات على واقع الحال السوري الذي بات مكشوفاً لكل ذي بصيرة ،، ولعقولكم أن تحكم … .
ماذاعن العنوان ؟ ومن هو إسحاق ؟ وكيف للرئيس الأسد أن يهزم إسحاق ويحرج روحه في قبره ويرمي بأفكاره ونظريته تحت صخرة الإرادة السورية القاسيونية والصمود السوري الخرافي والبسالة الأسطورية لجيش الوطن ؟ ، لماذا هي كذلك .. سوريا ؟ قد يسأل سائل ، ليأتيه الجواب دونما تأخير .. لأنه الوطن الذي يعاند في حالاتٍ خاصة مجهودات وأفكار وإبتكارات بعض من تسيد صفحات الإختراعات على مدار قرون في أكثر من مجالٍ ، والحديث هنا يدور تحديداً عن العبقري إسحاق نيوتن وعن نظريته في الجاذبية التي يقول مؤداها فيما يقول ..( أن سرعة السقوط تزداد طرداً مع كل ثانيةٍ من الزمن ، وأن رابطاً علمياً يجمع بين وزن الجسم الساقط و سرعة سقوطه ) .. كل ما سوف نقوم به هو عملية إسقاط بسيطة لمفهوم الكتل والفضاء والجاذبية والسقوط على الواقع السوري.. .
إن نحن بدأنا من الوزن النوعي الإستراتيجي لسوريا يحق لنا أن نسأل ،، هل يستطيع إلا كل عديم خبرة وعلم وإطلاع ومعرفة أن يعترض على حقيقة أن سوريا بلدٌ عظيم ،؟ رغم الدمار الذي حل بها والخراب الذي يراد له أن يستوطنها و الجنون المتأسلم الذي أتاها متنكراً بعباءته ولحيته الطويلة القذرة وعلمه الأسود وشعارٌ يسرق من الله دينه وكتابه ويكفر بعض أنبيائه وأتقيائه ، هل يستطيع غير الجاهل أن يرفض الإعتراف بعظمة الثقل النوعي لهذا الوطن الذي بات شاغل الدنيا والناس ، أجزم أنه سوف يخر على ركبتيه ويرفع يديه معلناً موافقته على دقة التوصيف وموضوعية الأساس الذي تبنى عليه فكرة أن سورية عظيمة كانت ، و ستبقى ، وأن عظمة سوريا تعطيها ثقلاً نوعياً مميزاً ، لكنها تعاند السقوط وتحرج عظام إسحاق في قبره … .
ما جرى كان معاكساً للسقوط السوري المرتجى ، سقط آخرون لم يتوقعوا أو لم يتوقع لهم آخرون أن يسقطوا ، بعبارة أخرى ،، سقط من كان يعتقد هو أوآخرين بأنه ثقيل الوزن عظيم الشأن و التأثير فيما أظهرت الحرب أن لا وزن مؤثر لهم ، فغادرساركوزي وهيلاري المشهد السياسي ، ليواكبهما فريقٌ التبع ” بضم التاء وتشديد الباء ” ، الثنائي الخارق في عمالته حمد وحمد ، والألعوبة الملقب بالعياط ،، مرسي ، وليتحضر لسقوطٍ مؤكد بغض النظر عن توقيته أو ميعاده ، الثنائي العثماني أردوغان وأوغلو ، وثلاثي مسرح الخيانة ، بندر، وسعود ، ومولاهما عبد الله آل سعود .. ، ذلك السقوط الذي ترافق مع تلاشي وتشرذم أعداد هائلة من الظلال والأخيلة البشرية ولا غرابة ، فساعة يسقط الوحش صريعاً ، تسقط معه كل الأوبار التي تغطي ذيله ، وتسقط معها بعض القاذورات التي تختبئ في منطقة ما تحت الذيل !! ، وإن نظر أحدكم بالعين المجردة إلى تلك المنطقة سوف يجد وجوهاً غاضبة وحانقة على صاحب الذيل ، وجوه من باعوا وطنهم لقاء وهم تبوء كراسي الحكم ، الكراسي التي تتكئ قوائمها على أشلاء وجماجم من يفترض أنهم ” رفاقهم في المواطنة ” ، باعوه بحفنةٍ خالوا ما فيها ذهباً فكانت رمال ، سقطوا كما أحجار الدومينو .. أو كالبيادق التي يضحي بها لاعب الشطرنج ليحمي الوزير أو الملك أو القلعة ، فكان لكل من ” تبوأ مركزاً قيادياً ” في مجلسهم اللاوطني أو إئتلافهم العميل الذي تنقل بين كل العواصم التي تحارب وطنهم ، كان لكل منهم موعدٌ مع سقوطٍ أو عزل مهين ، بدءًا من الغليون مروراً بالسيدا وصولاً للخطيب الذي لن يكون له أن يكون الأخير ،، لأن لجورج صبرا المسيحي المتأسلم حاله حال الكيلو موعدٌ مع سقوطٍ مذلٍ على عتبات هذا السلطان أو ذاك الأمير أو الملك ، حال هذا الثنائي حال أحمد الجربا السعودي المحيا واللهجة والتربية والمنشأ والأصل والهوى …
لن يجد هذا أو ذاك المشكك الذي سلم بالأمر الواقع بداً من الإعتراف أيضاً والمرارة تأكل لسانه وحلقه وتكوي قلبه ، بأن قائد الوطن السوري عظيمٌ بدوره ، وأنه يتمتع بجاذبيةٍ وشعبيةٍ واسعتين ، وأنه القائد الذي يستمد عظمته من صمود الشعب وبسالة الجيش ووفائه لشعاره المقدس ، بخلاف كل الأمعات والعضاءات الأعرابية التي تملكت البلاد والعباد ، وأنه الزعيم الذي إحتارت قيادات الكون من جهاته الأربع في حل رموز أحجية إسقاطه ، وشيفرة إجباره على التنحي ، حتى بات هذا الشعار من ذكريات ماضي ألسنة قادة الناتو ، و ليعلن الزمن أنه لم يك مخيراً أبداً، بل كان مجبراً على تظهير تفوق الوطن السوري و تفرده ، ولتضع الحقيقة مرآتها أمام أعين جموع القادة .. العتاة وأتباعهم الرعاة . تلك الجموع التي إستهلكت كل خططها الإستخبارية والعسكرية حتى فرغت خزائنها ولم يتبق فيها سوى الظرف السري المختوم المخبأ في خزائن البنتاغون أو البيت الأبيض ، حتى هذا إضطر قادة الناتو في النهاية لفتحه ليجدوا قصاصة ورق كتب عليها .. ( وصولكم إلى هذه النقطة يعني إفلاسكم ،، تخلصوا من أوزانكم الزائدة حتى ينجو مركبكم من الغرق ، لا خيار لكم سوى التفاهم مع الخصم ، فمن صمد في وجهكم طوال هذا الزمن يستطيع الصمود إلى ما لا نهاية ) . يعلم قادة الغرب أن هكذا نصيحة هي خلاصة بحوثٍ ودراسات معمقة قامت بها مراكز أبحاث سياسية و عسكرية و إقتصادية وإستراتيجية عديدة حول العالم لتتلاقى جميعها تحت ذات العنوان .. .
إن كانت الأرواح تسافر حول الأرض لتزور غير بلدان وتلقي التحية على أهلها ، وإن قيض لروح إسحاق نيوتن أن تزور الأرض السورية لقرأت في سمائها مفرداتٍ تجمع بين الإعتذار والتحدي ، لأن أهل هذه الأرض يساهم معظمهم بالقول أو الفعل في خلق نظرية جديدة يتحدى أهلوها أفكار نيوتن ويسقطون نظريته عن الجاذبية والسقوط .. أقله .. على الأرض السورية ، و لتسمع روحه بواسلاً وأسوداً تزأر وتقول .. عذراً يا صاحب النظرية فأنت في الوطن الذي أشقى وأتعب كل من آمن وطالب وسعى وعمل وكافح وحارب وجاهد لتحقيق نظرية السقوط لسوريا الأرض والشعب والجيش والقيادة ، نصيحة مجانية نقدمها لك ولهم .. إن كنت تبحث عن تطبيقات عملية لسقوط الأوزان الثقيلة ، الممتلئة شحماً وفضلات بالسرعة الخيالية .. عليك بالإنتقال إلى غير أرض ، لك أن تسافر شمالاً وتترقب سقوطاً سلجوقياً أردوغانياً مريعاً ، أو تسافر نحو الصحراء جنوباً ،، رابط هناك وإنتظر مشاهد سقوط الكيانات الهلامية الهشة و العديمة الوزن بسرعة قد ترضيك وتتفق مع نظريتك وأفكارك .. .
أقول أخيراً .. بات واضحاً للكون أيضاً أن جاذبية الأسد غيرها .. غير جاذبية ، هي جاذبية قائد متميز لوطن فريد ، جاذبيةٌ تعاند السقوط لأن ملايين من الأكف والسواعد ترتقي بها عالياً ، تلك السواعد التي إن تعبت قليلاً .. وما تعبت حتى الآن .. إنخفضت قليلاً لتحفر لها خزائن في العقول وتشيد لها صروحاً في الذاكرة الباقية التي تتناسل كما أصحاب العقول والذاكرة ، وإن غالب التعب والإرهاق بعضاً من فريقها وغافلته الغفلة ، إنخفض بها إلى مستقرها وأرضها الصلبة التي لا إنخفاض بعدها أو لها وما عليها ، ليزرعها في بساتين ومشاتل القلوب ،، سنديانة من مجدٍ وكبرياء ، تعاند رياح السقوط وتمضي في رحلتها مع الزمن . كيف لجاذبية إسحاق أن تهوي على الأرض بمن ترتقي به أيادي وعقول وقلوب من يفصل الأرض عن السماء ، الوطن وقائد الوطن ، عذراً إسحاق فنظرية جاذبيتك سقطت في سوريا إلى غير رجعة ، فهكذا قامات ساعة تغادر فإنها إن فعلت قامت بالأمر بملء إرادتها وساعة تشاء وترتأي ، هكذا قامات لا تسقط ولا تعرف السقوط ، ساعة كتبنا وقلنا منذ ما يزيد عن السنتين أن الأسد باقٍ وأن الهزيمة والإنكسار والعار والشنار سوف تكون جميعها نصيب أعداء سوريا والأسد ، سخر آنذاك البعض من الرأي ، أذكر أن أحدهم كتب معلقاً وساخراً بأنني أعيش حالة من الوهم ، .. حسناً .. ( وهمٌ ظريف ذاك الذي يمتد لأعوام متتالية ليكتشف خصوم صاحبه أنه كان و لا زال حقيقة ) ، ولذا أختم بما كان عنواناً لتلك المقالة .. ( الأسد لن يسقط ،،دروس تاريخية وحقائق معاصرة ).. أعيد اليوم وأكرر … قد تسقط السماء على الأرض في بعض الدول أو الدويلات أو المشيخات .. لكنها في سوريا تحافظ على علوها .. شموخاً وفخراً وإعتزازاً بوطنٍ وشعبٍ وجيشٍ وقائدٍ يهزم السقوط على أعتابه .. ولا يسقط .
سيريان تلغراف | نمير سعد
(المقالة تعبر عن رأي الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها)