كشف مصدر دبلوماسي واسع الاطلاع لـ«السفير» معلومات في غاية الاهمية تتصل بحقيقة مسار الازمة السورية، تظهر مدى «التمكّن الروسي من اوراق اللعبة عسكريا بداية وسياسيا تاليا، بما جعل الموقف الاميركي لجهة الخيارات والتوجهات، رهن اخلاقية موقف الادارة الروسية التي تتصرف بأعصاب سيبيرية وعقل واسع، يعرف ماذا يريد والى اين سيصل». ويوضح المصدر «ان الحرب الاميركية على سوريا بدأت وانتهت لحظة اطلاق الصاروخين الباليستيين اللذين بقيا محل تضارب في المعلومات بين نفي اسرائيلي وتأكيد روسي، وصولا الى خروج بيان اسرائيلي يتحدث عن انهما أطلقا في اطار مناورة اسرائيلية اميركية مشتركة وسقطا في البحر ولا علاقة لهما بالازمة السورية».
لكن ما هي الحقيقة المرتبطة بالحادث؟ وهل هناك امر ما لم يُفصَح عنه في حينه لاعتبارات عديدة، ابرزها التوازن في عملية الصراع على النفوذ الدولي بعد ضمور أحادية القطب؟
يفصح المصدر عن الحقيقة بالتأكيد ان «هذين الصاروخين اطلقتهما القوات الاميركية من قاعدة تابعة لحلف شمال الاطلسي في اسبانيا، وكشفتهما الرادارات الروسية فورا حيث قامت الدفاعات الروسية بمواجهتهما، فتم تفجير احدهما في الجو في حين تم حرف الصاروخ الآخر عن مساره واسقط في البحر».
ويقول المصدر: «ان البيان الذي صدر عن وزارة الدفاع الروسية والذي تحدث عن رصد صاروخين باليستيين اطلقا باتجاه شرق المتوسط تعمّد اهمال عبارتين: الاولى مكان انطلاق الصاروخين، والثانية اسقاطهما، لماذا؟ لأنه فور حصول العملية العسكرية، الكاملة الاوصاف، اجرت رئاسة المخابرات الروسية اتصالا بالمخابرات الاميركية وابلغتها بأن «ضرب دمشق يعني ضرب موسكو، ونحن حذفنا عبارة اسقطنا الصاروخين من البيان الذي اصدرناه حفاظا على علاقاتنا الثنائية ولعدم دفع الامور الى مزيد من التصعيد، لذلك عليكم اعادة النظر سريعا بسياساتكم وتوجهاتكم ونواياكم تجاه الازمة السورية، كما عليكم التأكد انكم لن تستطيعوا إلغاء وجودنا في البحر الابيض المتوسط».
يضيف المصدر: «ان هذه المواجهة المباشرة غير المعلنة بين موسكو وواشنطن، زادت من ارباك ادارة اوباما وتيقّنها اكثر ان الجانب الروسي مستعد للذهاب حتى النهاية في القضية السورية، وان لا مخرج للمأزق الاميركي الا عبر مبادرة روسية ما تحفظ ماء وجه الادارة الاميركية، كما ان لا سلم ولا حرب في سوريا خارج الارادة الروسية».
ويتابع المصدر: «انه ولتجنب المزيد من الارباك الاميركي، وبعدما نفت اسرائيل علمها باطلاق الصاروخين في بيانها الاول، وهو الذي يعبر عن الحقيقة، طلبت واشنطن من تل ابيب تبني اطلاق الصاروخين بما يحفظ ماء وجهها امام المجتمع الدولي، خصوصا ان الصاروخين كانا باكورة العدوان الاميركي على سوريا، وايذانا بانطلاق شرارة العمليات العسكرية، بحيث كان من المفترض ان يذهب الرئيس الاميركي باراك اوباما الى قمة العشرين في روسيا للتفاوض على رأس الرئيس السوري، فاذا به يذهب بحثا عن مخرج لمأزقه».
واشار المصدر الى انه «بعد المواجهة الصاروخية الاميركية الروسية عمدت موسكو الى زيادة عديد خبرائها العسكريين في سوريا، كما دفعت بالمزيد من القطع الحربية والمدمرات تعزيزا لتواجدها العسكري في المتوسط، واختارت توقيت الاعلان عن مبادرتها بشأن وقف العدوان على سوريا بعد قمة العشرين، بعدما جرت كولسة معمقة حولها على هامش القمة التي اعقبتها زيارتان متعاقبتان لكل من نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان ومن ثم وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حيث تم صوغ المخرج مع الجانب الروسي بشكل أفضى الى اعلان سوري بالموافقة على المبادرة الروسية لجهة وضع السلاح الكيميائي السوري تحت اشراف دولي، واستعداد سوريا للانضمام الى معاهدة منع انتشار السلاح الكيميائي».
ويلفت المصدر الى ان «من أولى نتائج المواجهة الصاروخية الاميركية الروسية تصويت مجلس العموم البريطاني برفض المشاركة في الحرب على سوريا، ثم تبعته مواقف اوروبية كان ابرزها الموقف الالماني الذي عبّرت عنه المستشارة انجيلا ميركل».
سيريان تلغراف